السلطان تاج الدين إن تضحيات السلطان محمد تاج الدين ورفاقه تظل باقية في الوجدان الشعبي عبر الأجيال وفي سجل التاريخ ، وتظل معركة دروني الملحمة التاريخية العظيمة واحدة من أقوى حلقات المقاومة الشعبية السودانية ضد الاستعمار الأوروبي في إفريقيا أنذاك ، والتي وقعت أحداتها بقرية دروني بدار مساليت في الجزء الشرقي من عاصمة السلطنة الجنينة في اليوم التاسع من نوفمبر من عام ۱۹۱۰م بين المساليت بقيادة السلطان محمد تاج الدين إسماعيل والفرنسيين بقيادة الكولونيل مول قائد القوات الفرنسية في إفريقيا ، وحاكم أراضي تشاد . وقد عرفت بمعركة النصر ، حيث هزمت فيها فرنسا للمرة الثانية على يد جيوش سلطنة المساليت ، وكانت من أشرس المعارك ، التي شهدتها القارة الإفريقية طوال تاريخها النصالي ضد المستعمر ، كما أنها ذكرى حية لسلطنة المساليت في تصديها للاستعمار الفرنسي ، بجانب أنها نقطة تحول في مسيرة السلطنة وكفاحها البطولي ، وبفعل سلاطين المساليت المقاومين للاستعمار والذين كانوا يجسدون.
مجد أهل السودان ، وهم يتلمسون الطريق لبناء أمة سودانية حرة متعاصدة متكاملة في الإنسانية والثقافة والتاريخ .
بدأت معركة دروني في صمود مشهود الجيوش المساليت وهم يدافعون عن أرضهم ومجدهم وتاج الدين على صهوة جواده يقود جيشه في ثبات وجسارة يصول في أرض المعركة ومدافع الجيش الفرنسي تحصد الأرواح حصدا حتى امتلأت أرض المعركة بجثثهم في واحدة من أشرف المعارك التي قادها أحد جيوش السودانيين من أبناء دار مساليت ضد أعدائه دفاعا عن الأرض وصونا للحرية والكرامة . وقد أسفرت المعركة عن انتصار كبير للمساليت للمرة الثانية على فرنسا ، وقتل القائد مول وقضوا على الجيش الفرنسي .
ولكن لم تكتمل فرحة المساليت بالنصر ، وسرعان ما انقلب الفرح إلى حزن عميق ؛ لأن القدر كان لتاج الدين في ذلك اليوم بالمرصاد ، وفي أثناء تفقده لجرحاه وقتلاه فإذا بجندي من الجيش الفرنسي أصيب في المعركة وكان طريحا تحت شجرة صغيرة فظن أن تاج الدين قادم إليه ليقتله فصوب بندقيته نحوه وأصابه برصاصات في صدره اخترقت جسده ، فسقط شهيدا ملبيا نداء ربه ، بعد أن قدم روحه مهرا وفداء لبلاده فقد غطى الحزن كل أرجاء دار مساليت في ذلك اليوم بالرغم من الانتصار الذي تحقق لقد فقدت دار مساليت واحدا من أعظم القادة الذين عرفهم التاريخ الأوروبي والإفريقي في مقاومة الاستعمار الفرنسي في إفريقيا ، وسجل الانتصارات الكبيرة عليه وتولى زمام القيادة عقب استشهاد تاج الدين ابن أخيه السلطان محمد بحر الدين أبكر إسماعيل الشهير بأندوكا وقاد من بعده نضال قبائل المساليت في دروني إلى أن اكتمل النصر العظيم في معركة فاصلة وضعت حدا لمطامع الاستعمار الفرنسي في دار مساليت .