ما معنى التواضع ولماذا حثنا الإسلام على التحلي به؟
التواضع صفة حميدة، وخلق إسلامي أصيل دعا إليه ديننا الإسلامي ورغب فيه وحت على التحلي به، ابتغاء مرضاة الله تعالى؛ لأنه يدل على طهارة النفس، وسموها، ورفعتها والتواضع يعني ترك التعالي والتكبر على الناس، وهو عند علماء الأخلاق لين الجانب، والبعد عن احتقار الناس، إذ قالوا من التواضع اللين مع الخلق، والخضوع للحق، وخفض الجناح؛ والتواضع لا يتنافى مع الثقة بالنفس فكلاهما فضيلة تكمل إحداهما الأخرى والتواضع من أخلاق الأنبياء والمرسلين، وقد أمر الله نبيه الكريم بلزوم التواضع وخفض الجناح للمؤمنين، فقال عز وجل: ﴿واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ﴾ كما أنه من أبرز صفات عباد الله الصالحين قال تعالى (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلما) وقد حث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين على التحلي بالتواضع فيما بينهم، ونبد التكبر والتفاخر، فقال إن الله أوحى إلي أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد ومن يطالع القرآن الكريم وكتب السير والتراجم يجد أن التواضع من أجل صفات المؤمنين المتقين، ومن كريم سجايا العاملين الصادقين، ومن أظهر شيم الصالحين المخبتين، وقد بشر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أهل التواضع بالرفعة وعلو المكانة، فقال : ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم المثل الأعلى للتواضع في أقواله وأفعاله، فقد كان جم التواضع، لا يعتريه كبر ولا بطر على رفعة قدره وعلو منزلته يخفض جناحه للمؤمنين، ولا يتعاظم عليهم، وكان يجالس الفقراء والمساكين ويصغي إليهم، ويجيب دعوة الضعيف وينصت للمرأة فلا ينصرف عنها حتى تنصرف ويجلس في أصحابه كأحدهم، بل ويشاركهم العمل فيما قل أو كثر، وسيرته صلى الله عليه وآله وسلم حافلة بالعديد من المواقف التي تكشف عن تواضعه إن التواضع دليل على طهارة النفس وسلامة القلب من أمراض الكبر والخيلاء، وهو ركن مكين في تكوين شخصية الفرد المسلم وسلوكه لأنه في جوهره دعوة عملية إلى المحبة والمودة والترابط ووسيلة لتحرير القلوب من الحسد والكراهية والتعالي على الآخرين ويتجلى التواضع في العديد من مظاهر الحياة، مثل الحفاظ على الابتسامة عند رؤية الآخرين، وإظهار البشاشة في حضورهم، وعدم العبوس والتقطيب في وجوههم ومعاملة الآخرين بلطف، وتوقير الكبير والعطف على الصغير والإحسان إلى المساكين والفقراء، والعطف عليهم وتجنب احتقارهم، أو إظهار التفاخر أمامهم ورد السلام على الناس واحترام آراء الآخرين في غير باطل وقد كان للعلماء والصالحين وأولياء الله المتقين مع التواضع أحوال جعلتهم لا يرون لأنفسهم على الناس فضلا بل يرون أنفسهم أقل الناس قدرا، فمن النماذج الرائعة في تواضع العلماء: تواضع الحسن بن علي عليه السلام عندما مر بمساكين وهم يأكلون كسر خبر لهم على كساء، فقالوا له: هلم يا بن بنت رسول الله إلى الغداء، فنزل فأكل معهم ثم قال قد أجبتكم فأجيبوني، فانطلقوا معه، فلما وصلوا منزله أطعمهم وكساهم إن التواضع صفة من صفات الكمال التي تجمل المرء وتزينه، وتحببه إلى الخلق وتجعل له قبولا في الأرض، وتعلي مكانته في المجتمع يقول الشاعر: تواضع تكن كالنجم لاح لناظر على صفحات الماء وهو رفيع ولا تك كالدخان يعلو بنفسه إلى طبقات الجو وهو وضيع.