شهد النصف الثاني من القرن العشرين قفزة هائلة في تطور وسائل والمعلومات، وذلك بفضل شبكة الإنترنت التي أحدثها الاندماج بين تكنولوجيا الأقمار الصناعية، والتكنولوجيا الرقمية ؛ ما جعل هذه الشبكة ثورة عالمية في مجال الاتصالات تضاهي الثورة الصناعية.
فماذا نقصد بشبكة الإنترنت؟ وماذا أحدثت في مجال الاتصالات والمعلومات؟ عندما نتحدث عن شبكة الإنترنت؛ فإننا نقصد بها مجموعة من الحواسيب والأجهزة الرقمية التي تم ربط بعضها ببعض عبر الأقمار الصناعية من أجل إجراء الاتصالات، ونقل المعلومات.
وقد بدأت التجربة الأولى لاستخدام هذه الشبكة في إحدى المؤسسات سنة (١٩٦٩م) لغرض التواصل السريع، والنقل الآمن للمعلومات، وبعد نجاح التجربة؛ تم التوسع في استخدام شبكة الإنترنت عن طريق ربط العديد من شبكات الحواسيب لبعض المؤسسات والشركات للاستفادة من خدمات هذه الشبكة، ثم لم تلبت من الوقت إلا قليلا، حتى ذاع صيتها، ونالت شهرة كبيرة، وأقبل الناس على استخدامها، والاستفادة منها في أنحاء العالم، ما أسرع انتشار شبكة الإنترنت فقد وصلت إلى كل مكان، واستحوذت على مطالب الحياة بفضل ما تقدمه للمجتمع من خدمات في كل ما يتعلق بجوانب الاتصالات والمعلومات، وتيسير ما يرتبط بشؤون المال والتجارة، والصحافة والسياسة، وما يتصل بالعلوم والفنون والمعارف الإنسانية؛ فما أوسع شبكة الإنترنت على استيعاب هذا الحجم الهائل من المعلومات وما أسهل استخدامها فبنقرة واحدة على زر الحاسوب تظهر نوافذ متعددة للمواقع التي يريدها الباحث في جميع أنحاء العالم فيختار منها ما يشاء، وله أن يحفظ في حاسوبه منها ما يريد، كما يمكنه أن يدخل إلى أية مكتبة من مكتبات العالم فيأخذ منها الكتب والدوريات التي يحتاج إليها ويطلع على ثقافة الأمم والشعوب، ويقرأ عن تاريخها وحضارتها، ويقف على ما يجري في العالم من أحداث.
أعظم بخدمة هذه الشبكة التي تعد من عجائب هذا العصر فبعد أن ظل التواصل بالصوت والصورة حلما يراود مخيلة خبراء الاتصالات؛ فقد أصبح بفضل شبكة الإنترنت أمرا ميسورا ، بل إنه أضحى من السهل لأي إنسان أن يشارك في الندوات والحوارات والمناقشات العلمية المهمة أو الدراسة عن بعد في أي ركن من أركان العالم وكأنه حاضر بنفسه فيها.
فما أجمل ما تسهم به هذه الشبكة في مسيرة التطور الذي يشهده العصرا وما أسوأ ألا ننتفع بمعطيات هذه الثورة وما تقدمه من خدمات جليلة للإنسانية! لقد أصبحت شبكة الإنترنت في حياتنا المعاصرة خدمة مهمة لا يمكن الاستغناء عنها، إلا أنها على الرغم من أهميتها لا تخلو من المخاطر والسلبيات إذا استخدمت بصورة غير صحيحة كمشاهدة الصور والأفلام الهابطة، أو التأثر بالمعلومات والمعارف التي تخالف العقيدة الإسلامية، أو قتل الوقت بالإدمان على البرامج والألعاب المعدة للتسلية، فما أروع أن تحافظ على قيمنا ۚ وما أجمل أن نراقب أبناءنا من الوقوع في المخاطر وما أحسن أن يربي أطفالنا على الفطرة السوية.