تعد اللغة الوعاء الذي يُعبّر الإنسان من خلاله عن أفكاره ومشاعره وآماله وطموحاته ولذا فإنَّ العلاقة وطيدة بين اللغة والفكر، وهي تُشكّل موروثا إنسانيا أصيلا بما يحمله من ثقافة وهوية وتاريخ ويرتبط الموروث الثقافي العربي باللغة العربية ارتباطا وثيقا : وهذا ما يزيد من أهميَّةِ تعلم اللغة العربية على وجهها الصحيح، والمحافظة عليها، وتعلم قواعدها على نحو يُمكن الإنسان من التواصل مع الآخرين بشكل جيد. واللغة العربية من أقدم اللغات عمرًا، وهي لغة الإعجاز القرآني، ولغة البيان النبوي، ولغة الضاد التي استوعبت الأدب العربي شعرا ونثرًا، وتزخر بكثير مما يميزها عن لغات العالم. وهي كذلك من أكثر اللغات انتشارًا في العالم؛ إذ يتحدث بها ملايين البشر. أفلا تستحق لغة عظيمة نزل بها القرآن العظيم أن تكون الأولى عالميا؟ بلى، إنَّها اللغةُ الَّتِي حفظها القرآن الكريم، وخلدها أدبنا العربي، وتغنى بأصالتها الشعراء والأدباء، فكأن لسان حالها يقول على لسان الشاعر حافظ إبراهيم أنا البَحْرُ في أحشائه الدُّر كامن فهل ساءلوا الغَوَّاصَ عن صدفاتي.
اسرارها وقواعدها اليوم العالمي للغة العربية؟
وللغة العربية الكثير من الخصائص التي تميزها عن اللغات الأخرى، منها مرونة الاشتقاق الذي يُعد من الخصائص النادرة، أضف إلى ذلك الترادف والتضاد والمؤثرات الصوتية المميزة مثل السجع والجناس.
وقد احتفظت اللغة العربية بكافة مقوماتها الصوتية على مر العصور، كما أنها تتميز بدقة التعبير والفصاحة، والرصانة، والجودة، وسلامة التراكيب والإيجاز، وتزخر بحظ وافر من المفردات، بالإضافة إلى قدرتها على استيعاب اللغات المختلفة الأخرى. وجدير بالذكر أن اللغة العربية تعد الأولى عالميا من حيث عدد مفرداتها؛ إذ إنها تحوي ما يربو على اثني عشر مليون كلمة دون تكرار، مقارنة باللغة الإنجليزية التي تحوي ستمئة ألف كلمة، والفرنسية التي تحوي مئة وخمسين ألف كلمة.
ويستخدم اللغة العربية ما يربو على مليار ونصف المليار مسلم، كما أنها اللغة الرسمية لاثنتين وعشرين دولة من أعضاء منظمة اليونسكو) وأعضاء هيئة الأمم المتحدة.
واعترافا بأهمية اللغة العربية ومكانتها المرموقة بين لغات العالم؛ فقد اعتُمِدَتْ في الثامن عشر من ديسمبر عام 1973م لغة عالمية رسمية سادسة تتحدث بها الوفود في ماكن مخصصة للتلاقي أروقة منظمة الأمم المتحدة، وبها تصدر الوثائق والمعاهدات الدولية، وقد تمَّ اعتماد هذا التاريخ: ليكون يوما عالميا للغة العربية، بجهود المجموعة العربية في المنظمة الدولية، وبناءً على قرار المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم روقة التشاور والثقافة (اليونسكو).
ونظرًا لما للغة العربية من دور كبير وفاعل في تعزيز الانتماء والثقافة والهوية العربية، فقد أقرت دولة قطر مشروع قانون حماية اللغة العربية، وتتلخص تفاصيل هذا المشروع في إلزام الوزارات والمؤسسات التعليمية الرسمية - بما فيها الجامعات ومؤسسات التعليم العالي التي تُشرف عليها الدولة - بتدريس جميع العلوم والمعارف باللغة العربية، بالإضافة إلى الإيعاز للمؤسسات الحكومية الأخرى باستخدام اللغة العربية في جميع ما يصدر عنها من أنظمة وتعليمات ووثائق .
إن هذا الاحتفاء العالمي باللغة العربية يُعد حدثا تاريخيا، ومدعاة فخر واعتزاز لكل عربي ومسلم، وهو دعوة إلى أن تكر من جميع الجهود من أجل وضع برامج تطويرية للغة العربية، والبحث عن أفضل السبل التي تُؤدي لاستخدامها الاستخدام الأمثل في العالم .